خطبة الجمعة 1 8 2025 "نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياةِ" تتصدر المنابر

أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة 1 8 2025، في إطار جهودها التوعوية المستمرة، وقد جاءن بعنوان “نعمة الماء مقوم أساسي للحياة”، حيث يركز جميع الخطباء في المساجد على توضيح أهمية الماء كعنصر أساسي في البقاء وكونها سر الحياة على وجه الأرض، ويرجع السبب وراء اختيار هذا الموضوع هو غرس ثقافة الترشيد والحفاظ على المياه، مشيرة إلى أن الماء هو هبة إلهية يجب عدم التفريط فيها.

خطبة الجمعة 1 8 2025
ومن أهم راكائز عناصر خطبة الجمعة 1 8 2025 التي بعنوان “نعمة الماء مقوم أساسي للحياة، ما يلي:
- الماءَ آية ومنة كبرى.
- سقي الماء مِن أعظم القربات.
- “الماءُ” جند من جنود الله.
- الحس على الطاعة، والصدقة، واحذروا الذنوب.
- وسائلُ الحفاظِ على الماءِ.
- استغلال وقت الفراغ، والإجازة الصيفية.
خطبة الجمعة 1 8 2025 لوزارة الأوقاف
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياةِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أنزلَ منَ السماءِ ماءً بِقَدَر، فعمَّ بهِ جميعَ خلقهِ في البوادي والحضر، وسلكهُ في ينابيعَ وعيونٍ، وجعلهُ مباركًا وطهورًا، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأشهدُ ألَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدهُ ورسولهُ، أحيا بهِ القلوبَ والأرواحَ، وبعثهُ للعالمينَ رحمةً ونورًا، وبهجةً وسرورًا، شَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ،أما بعدُ:
فإنَّ نعمَ اللهِ تعالى لا تُعدُّ ولا تُحصى، فمِنهَا مَا ظَهرَ، ومِنها مَا بطنَ، وقَد استأثرَ اللهُ بِعدِّهَا وعِلمِها، فقالَ جل جلالُه: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}، ومنْ أعظمِ هذه النعمِ: نعمةُ الماءِ، الَّتي هي أساسُ الحياةِ وسرُّ الوجودِ في هذا الكونِ، فلولَا الماءُ ما كانَ إنسانٌ، وما عاشَ حيوانٌ، ولا أَزهرت أرضٌ ولا رَبتْ، فالماءُ غِذاءُ الكائناتِ وحياتُها؛ وبفقدهِ تُفقَدُ الحياةُ، ألا ترىَ الأرضَ هامدةً يابسةً، فَإذَا نزلَ عليهَا الماءُ تحركتْ فيهَا الحياةُ، وتلألأتْ بالخُضرةِ والنضارةِ، قال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: ٥٠].
أيها المكرمون انتبهُوا، فإن بعض الناس قدْ يرىَ الماءَ أرخصَ موجودٍ، لكنهم لو تأمَّلوا فِي حالِ مَنْ حُرمُوا منهُ، كَيفَ يعيشُونَ فِي فَقرٍ وفاقةٍ ومرضٍ وموت، لعرفوا سُموَّ قدرِه، وأدركوا شرفَه وأهميته، لذلك ذَكَّرَنَا اللهُ جل جلالُه بِهذهِ النعمةِ فِي حالِ الإيجادِ وحالِ الفقدِ، لنذكُر عَظيمَ نِعمِهِ علينَا، ولنحذر من تضييعِها والتفريطِ فيها، فقالَ سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}، وقال عز وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}.
عباد الله، حافظوا على قطرةِ الماء حفاظَكم على الحياة! وإياكم والإسرافَ والتبذيرَ والإهدارَ، أتطيقون أن لا تكونوا من أهل محبةِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ؟! تأملوا هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: ٣١]، أتتحملون أن توصفوا بهذا الوصفِ؟! {إِنَّ الْـمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}[الإسراء: ٢٧]؟!.
ألا تعلمون أيها النبلاءُ أنَّ الاقتصادَ في استخدامِ الماء شأنُ الأولياءِ الصالحين والعلماء الربانيين، قال الإمام أحمد رحمه الله: "مِن فقهِ الرجلِ قلةُ ولوعِه بالماءِ"، وقال المروزي رحمه الله: "وضَّأتُ أبا عبد اللهِ الإمامَ أحمدَ، فسترتُه مِن الناسِ، لئلا يقولوا: إنه لا يحسنُ الوضوءُ؛ لقلةِ صبِّه الماءَ، وكان أحمدُ يتوضأُ فلا يكادُ يبلُّ الثَّرى"،
أرأيتم أيها السادة! إن هذا شأنُ الأكابرِ في حرصهم على الماء، يحرصون على الماءِ جدًّا، وكلما زاد قربُهم من الله؛ نوَّر اللهُ بصائرَهم، فعظَّموا نعمَ اللهِ وصانوها، هكذا كانوا يصونون الماءَ تعبدًا للهِ جلَّ جلالُه.
وهذه رسالةٌ إلى كل من يستهينُ بنعمةِ الماء، فيا من يفتحُ الصنبورَ لأقصى درجةٍ عند الوضوءِ أو غسلِ الأواني أو غسلِ الأسنانِ تاركًا الماءَ ينسابُ بلا حاجةٍ، ويا من يتركُ خراطيمَ المياهِ تغسلُ السياراتِ أو تنظفُ الساحاتِ وهو منشغلٌ بحديثٍ مع صديقِه ولا يعبأُ بالماء المهدرِ، ويا من تفرطُ في استخدامِ المياهِ أثناء ريِّ الحدائقِ فتتسببُ في هدرِ كميات كبيرة من الماء الصالحةِ للشربِ، أفيقوا! واعلمُوا أنَّ نعمةَ الماءِ هِي مِنْ أَوَّلِ مَا تُسأَلونَ عنهُ يومَ القيامةِ، قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّلَ مَا يُسأَلُ عَنهُ يَومَ القيامةِ مِنَ النَّعيمِ أنْ يُقالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، ونُرْويَكَ مِنَ الماءِ الباردِ؟!» [الترمذي: ٣٣٥٨]، فَأحسنُوا جوارَ نِعمَ اللهِ عَليكُم، ولا تنسوا قول الله جل جلاله الذي يقرع القلوب ويفزع الأفئدة: {وإذ تأذن ربُّكم لئن شكرتُم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديدٌ} [إبراهيم: ٧].
***
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ،وبعدُ:
فيا أيها النبيل احرصْ أنْ تغتنمَ أيامَ الإجازةِ الصيفيةِ بتحصيلِ ما يفيدُك وينفعُك، اشْغَل وقتكَ فِيما يُرضي الله جَلَّ جلاله، فالعاقلُ مَنْ استغَلَ وقتَ فرَاغِهِ فِيمَا يَنفعهُ فِي دنياهُ وآخرتهِ، فِي مصالحهِ الدينيةِ والدنيويةِ، وليكن أمام ناظريك قولُ الجناب الأنور صلوات ربي وسلامه عليه: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ».
اعلم أيها المكرَّم أن أيام الشَّبابِ، والصحةِ، والغنَى، والفراغِ، والحياةُ هِي أيامُ العملِ والتَّأهُبِ والاستعدادِ، والاستكثارِ منَ الزَّادِ، فمنْ فاتهُ العملُ فيهَا لَمْ يُدرِكهُ عِندَ مَجِيء أضْدَادِهَا، ولَا ينفعهُ التَّمنِي للأَعمالِ بعدَ التَّفرِيطِ مِنهُ، والإِهمالِ فِي زَمانِ الفُرصةِ والإمْهَالِ، ولذلكَ قالَ صلى الله عليه وسلم :«نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ».
عباد الله، وجهوا أولادكم إلى اسْتثمار أَوقَاتِهِم فِي العبادةِ، والتعلمِ، والقراءةِ، وممارسةِ الرياضةِ، والمشاركةِ فِي الأعمالِ التطوعيةِ، وتنميةِ المهاراتِ، فهذا ميدان التسابق في صنوف الخيرات، قَالَ تَعَالى: {وَفِي ذَٰلِكَ فَليَتَنَافَسِ ٱلمُتَنَٰفِسُونَ}.
ويَا معشر الشبابِ، احذروا مِنْ الاسْتخدامِ المفْرِطِ للألعابِ الإلكترونيةِ، ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ أيام الإجازة الصيفية، ووازنُوا بينَ استخدامِ التكنولوجيَا وبين أنشطةٍ تفيدكمُ فِي حياتكمُ العلميةِ والعمليةِ، فأنتم عمادُ هذهِ الأمَّةِ، وأملُهَا فِي التَّقدمِ والنَّجاحِ والازدهارِ.