حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي؟ فتوى العلماء توضح التفاصيل

يثير موضوع حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي جدل واسع في الأوساط الاقتصادية والدينية، خصوصا في ظل انتشار ممارسات غير منضبطة في الأسواق بين بعض التجار أو مقدمي الخدمات، ويتعلق الأمر بقيام البعض برفع السعر الحقيقي للسلعة أو الخدمة عمدا، مستغلين جهل المشتري أو حاجته، الأمر الذي يجعل المسألة محل تساؤل حول مشروعيتها في ميزان الشريعة الإسلامية والقانون، وفي صدد حديثنا هذا نعرض لكم في السطور القادمة من المقال حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي.
حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي
وعن حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي، أجمعت الفتاوى الصادرة عن عدد من المؤسسات الدينية، منها دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء في السعودية، على أن أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي بدون علم المشتري يعد من أكل أموال الناس بالباطل، ويقع ضمن دائرة الغش والتدليس المحرم في الإسلام، واستدل العلماء بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس منا"،
وجاء في القرآن الكريم قول الله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ" [البقرة: 188]، فالزيادة المتعمدة في السعر، إن لم تكن قائمة على العرض والطلب العادل، بل على الخداع أو الإخفاء أو الاستغلال، فهي غير جائزة شرعا، وتفسد العقود وتفسخ البيع عند ثبوتها.
الفرق بين الربح المشروع والزيادة غير المشروعة
وفي سياق الحديث عن حكم أخذ مال زيادة عن السعر الحقيقي، من المهم التفريق بين الربح المشروع الذي يحق للتاجر تحقيقه، وبين الزيادة غير المشروعة التي تخالف مبدأ الشفافية، فلا تحدد الشريعة نسبة معينة للربح، بل تبيح للتاجر أن يربح بما يشاء بشرط أن يكون المشتري على علم تام بالسعر وحالة السلعة، وأن لا يستغل جهله أو اضطراره، وإذا رفع السعر بخداع أو كتمان أو تزييف في المعلومات، فإن الربح حينها يكون محرم، ويعد ذلك من صور الربا الخفي أو الغرر المنهي عنه، واستمرار مثل هذه الممارسات في السوق يؤدي إلى زعزعة الثقة بين البائع والمستهلك، ويؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي ويزيد من نسب التضخم والغلاء غير المبرر، وأكد الخبراء أن مكافحة ظاهرة رفع السعر دون مبرر حقيقي تتطلب تدخل رقابي وتشريعي صارم، إلى جانب الوعي الديني والأخلاقي لدى أفراد المجتمع، فالمعاملات المالية ليست مجرد نشاط تجاري، بل هي مسؤولية أخلاقية ودينية تتطلب الأمانة، كما نصت الشريعة في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" [النساء: 58].